تواجه العديد من الدول تحديات اقتصادية تؤثر على قيمة عملاتها المحلية، وتعتبر الجزائر والمغرب من بين البلدان التي تُظهر تباينًا واضحًا في قيم عملتيهما: الدينار الجزائري و الدرهم المغربي. في هذا المقال، سنتناول الأسباب التي تجعل قيمة الدينار الجزائري أقل من قيمة الدرهم المغربي، مع تحليل العوامل الاقتصادية والمالية التي تساهم في هذا التفاوت.
1. الاعتماد على النفط والغاز:
أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على قيمة العملة الجزائرية هو الاعتماد الكبير على صادرات النفط والغاز. تشكل إيرادات النفط والغاز أكثر من 90% من صادرات الجزائر، مما يجعل اقتصادها حساسًا لتقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية. عندما تنخفض أسعار النفط، تتأثر إيرادات الجزائر، مما يؤدي إلى نقص في العملات الأجنبية وبالتالي انخفاض في قيمة الدينار الجزائري.
في المقابل، المغرب لا يعتمد على قطاع واحد مثل النفط، بل لديه اقتصاد متنوع يعتمد على عدة قطاعات مثل الزراعة، السياحة، الصناعة، والفوسفات. هذا التنوع يعزز استقرار الاقتصاد المغربي، وبالتالي استقرار الدرهم المغربي.
2. السياسات النقدية:
تلعب السياسات النقدية دورًا حيويًا في تحديد قيمة العملة. في الجزائر، شهدت السنوات الأخيرة ارتفاع التضخم بسبب بعض السياسات المالية التي اعتمدت على التمويل من خلال طباعة المزيد من النقود لمواجهة العجز المالي، وهو ما أدى إلى انخفاض قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية. كما أن سياسة الاحتفاظ بالاحتياطات الأجنبية كانت تتأثر بتقلبات أسعار النفط.
أما في المغرب، فكان البنك المركزي يعتمد على سياسات نقدية أكثر استقرارًا، مثل تعزيز الاحتياطيات الأجنبية والتحكم في التضخم. المغرب يستخدم آليات مختلفة لدعم استقرار عملته، مثل تعديل أسعار الفائدة وحفز الاستثمارات الأجنبية.
3. الديون الخارجية:
رغم أن الجزائر نجحت في تقليص ديونها الخارجية في السنوات الماضية، إلا أن اعتمادها على التمويل الداخلي قد يؤدي إلى ضغوط مالية في بعض الأحيان، خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية. عندما تحتاج الحكومة الجزائرية إلى تمويل إضافي، قد تتعرض العملة المحلية إلى تقلبات تؤثر سلبًا على قيمتها.
في المقابل، يتمتع المغرب بسياسة تمويل خارجية أكثر تنوعًا، مما يقلل من الضغط على العملة المحلية. علاوة على ذلك، يتمتع المغرب بمؤشرات اقتصادية جيدة أدت إلى حصوله على قروض من المؤسسات المالية الدولية بشروط أفضل، ما يعزز الاستقرار المالي ويحفز قيمة الدرهم.
4. التضخم وتأثيره على العملة:
التضخم في الجزائر كان مرتفعًا في السنوات الماضية بسبب دعم السلع المحلية، مثل الوقود والخبز، مما أدى إلى زيادة الطلب المحلي على النقود وبالتالي انخفاض قوتها الشرائية. هذا التضخم ساهم في تدهور قيمة الدينار الجزائري مقارنة بالعملات الأجنبية.
أما في المغرب، فقد تمكن البنك المركزي من التحكم في معدلات التضخم بشكل أفضل، مما ساهم في الحفاظ على قيمة الدرهم المغربي. المغرب نجح في الحفاظ على معدل تضخم منخفض مقارنة بالجزائر، وهو ما يعزز الاستقرار الاقتصادي ويؤدي إلى قوة أكبر للدرهم في الأسواق العالمية.
5. الاحتياطيات الأجنبية:
تشكل الاحتياطيات الأجنبية عاملًا حاسمًا في تحديد استقرار العملة المحلية. في الجزائر، انخفاض أسعار النفط في السنوات الأخيرة أدى إلى نقص الاحتياطيات الأجنبية، مما أثر سلبًا على قدرة البلاد في حماية قيمة الدينار الجزائري. وفي أوقات الأزمات، يواجه الدينار تحديات أكبر بسبب نقص السيولة الأجنبية.
في المقابل، استطاع المغرب أن يبني احتياطيات أجنبية قوية على مدى السنوات، مما يساهم في دعم قيمة الدرهم. الاحتياطيات النقدية الأجنبية في المغرب كانت تستخدم لضمان استقرار العملة المحلية والحد من تأثيرات الأزمات العالمية.
6. السياحة والصادرات غير النفطية:
السياحة تعتبر أحد المصادر الأساسية للإيرادات في المغرب، حيث يزور البلاد ملايين السياح سنويًا، مما يعزز الطلب على العملة المحلية. بالإضافة إلى ذلك، المغرب يعد من أكبر مصدري الفوسفات في العالم، وهو ما يعزز احتياطياته من العملات الأجنبية.
أما الجزائر، رغم أن لديها موارد طبيعية غنية، إلا أن السياحة فيها لا تزال في مراحل تطويرية، مما يقلل من تدفق العملات الأجنبية ويزيد الضغط على الدينار.
الخلاصة:
من خلال النظر في العوامل الاقتصادية التي تم تناولها، يتضح أن الاعتماد الكبير على النفط والغاز، السياسات النقدية، التضخم، و الاحتياطيات الأجنبية تلعب دورًا محوريًا في تحديد قيمة العملة. بينما تواجه الجزائر تحديات اقتصادية مرتبطة بانخفاض أسعار النفط والغاز، يتمتع المغرب باقتصاد أكثر تنوعًا واستقرارًا، مما يجعل الدرهم المغربي أكثر قوة مقارنةً بـ الدينار الجزائري.
تظل قيمة العملة عاملًا حاسمًا في الاستقرار الاقتصادي لأي دولة، ومن المهم أن تواصل الجزائر والمغرب العمل على تحقيق استقرار اقتصادي مستدام لتفادي التقلبات في قيمة عملاتهما المحلية.